
البرتغالي كريستيانو رونالدو أحرز 12 هدفًا في الدوري السعودي هذا الموسم (Getty)
أخطأ إبليس، فرفض السجود، ثم دخل في تحدٍّ أخرق وأرعن استحق عليه فرصة الوسوسة في صدور الناس مقابل خلوده في النار، وأكل أبونا آدم من الشجرة التي نهاه الله عنها، فترتبت على ذلك المكابدة مع الحياة وتقلباتها.
ومن دون جدال أخطأت إدارة نادي النصر السعودي عندما لم تلعن إبليس، ولم تتنبه لوسوسته داخل المكاتب المغلقة، فزين لها مقادير خلطة سحرية متنافرة، كانت تظنها الطريق نحو تشكيل (غلاكتيكوس) أصفر فاقع يسر الناظرين، والنتيجة أن الأصفر البرّاق ضاع في الأنفاق.
رأس مشكلة النصر وجذعها وأطرافها أن الإدارة تصورت أن التعاقد الفلكي مع اللاعب العالمي كريستيانو رونالدو علاج حاسم لأزمات النصر الفنية المزمنة، وفاتت عليها واقعية أن اليد الواحدة لا تصفق من دون منظومة إدارية وفنية متكاملة، باعتبار كرة القدم لعبة جماعية لا يستقيم ظلها والعود الإداري أعوج.
ولا علاقة هنا لغلطة النصر بالعشر درجات التي تُخصم من رصيد الشاطر، من منطلق أن أزمات النصر المستعصية نتاج سلسلة من الأخطاء المتراكمة، ليست وليدة موسم بدأه النصر بعنفوان، قبل أن يصاب بهبوط حاد في دورة اللاعبين البدنية والفنية، تمامًا مثلما أصيب الإداري المناوب بترهل ذهني سمح لإبليس وأقرانه بممارسة بعض الألعاب الدراكولية.
ولأن إبليس يلعب من دون رقابة في أروقة نادي النصر، ولم يجد من يلعنه، فسرعان ما اكتشف جمهور النصر أن رونالدو لا يمكنه أن يؤدي دور الرجل الخارق، لاعتبارات ذاتية وموضوعية محفوظة عن ظهر قلب، لعل أبرزها أن (الدون) البرتغالي يعيش مرحلة أرذل العمر كرويًّا، ومن الصعوبة بمكان أن تطلب من لاعب تجاوز سن الثامنة والثلاثين لبن العصفور.
وإذا كان خطأ إدارة نادي النصر عند تعاقدها مع رونالدو بشيك مفتوح يكفي لإعالة بلد صغير، فإن أساس الخطأ هو أن الإدارة اعتقدت أن الأندية المنافسة في دوري روشن السعودي ستصاب بتلبك معوي لمجرد مشاهدة رونالدو يركض ويسدد ويسبح في الهواء بحثًا عن ضربات الرأس.
في العام 1990 انهار جدار برلين، وتزحلق جيش الدب الروسي الأحمر على صلعة ميخائيل غورباتشوف، وشهد العالم تغيرات دراماتيكية سريعة وخاطفة بفعل رياح البيروستريكا العاتية التي عصفت بجمهوريات ما يُعرف بالاتحاد السوفيتي، في نفس اللحظة التي راح فيها الفنان الجزائري (الشاب خالد) يبشر المشارقة والمغاربة بالألفية الثالثة على أنغام (ديدي واه).
تلك السنة سجلت آخر تتويج لنادي النصر ببطولة كأس الملك، بعدها دخل الأصفر البراق نفق سنوات عجاف طويلة وقاسية ومريرة أين هي من سنوات يوسف وعزيز مصر وامرأته.
وأشهد -وال ....