
إعداد ــ محمد على
> محطة بيجيانج التى تعمل بالفحم لتوليد الطاقة فى مدينة تيانجين الصينية
تسعى الدول الصناعية الكبرى، ومنها الصين، إلى زيادة معدلات النمو الاقتصادى التى تسجلها عاما وراء آخر بهدف الاحتفاظ بموقعها على الساحة الدولية. وتبقى معضلة التلوث البيئى عقبة أمام معظم المصنعين الكبار فى العالم، وأبرزهم الصين، مرة أخرى.. وبالإشارة إلى انبعاثات ثانى أكبر اقتصاد عالمى وتجاهل الأول وهو الولايات المتحدة ـ بات هناك سؤال ملح يطرح نفسه وبقوة ألا وهو.. «ماذا لو هدأت الصين من معدلات نموها لخفض العوادم الكربونية؟».. الإجابة بشكل مباشر هى «العالم كله سوف يتضرر تلقائيا بمجرد إبطاء المحرك الصيني».
قصة نجاح
حققت الصين نهضتها الاقتصادية بفضل عاملين رئيسيين، الأول هو تسجيل معدلات نمو سنوية سريعة انطلاقا من مستويات متدنية للغاية. ويتمثل ثانيهما فى تبنى سياسات السوق منذ أواخر السبعينيات من القرن الماضي. ونتيجة لذلك، قفز نصيب الفرد من الناتج المحلى الإجمالى إلى قرابة 12 ألف دولار سنويا حاليا، مقابل بضع مئات من الدولارات على الأكثر فى عام 1978.
واعتمد هذا التحول على الإصلاحات، وسياسات التحرر الاقتصادى التى أقرها الزعيم الصينى الراحل دنج شياو بنج آنذاك. بمعنى آخر، تغيير دفة الاقتصاد الوطنى الاشتراكى بكامله منذ ذلك الوقت. وفى خلال فترة العقد الماضي، طرأ تغير واضح على نهج الحكومة الصينية. فقد باتت بكين «أقل تسامحا» مع الآثار الجانبية المؤلمة للإصلاحات. ومن ثم، فضلت تبنى سياسات إصلاحية أكثر ليونة لتحجيم تطلعات الطبقة الوسطى المتزايدة والتى تبدو أكثر مادية وجشعا أحيانا بما يهدد الاستقرار والسلم الاجتماعيين. وأدى هذا بدوره إلى أمرين: تراجع معدلات النمو، واستعادة قبضة الدولة على إدارة الاقتصاد الوطني. وفتح هذا الباب أمام عدة تغيرات أهمها بالنسبة لنا فى هذا السياق هو تآكل قدرة الدولة على خفض الانبعاثات الكربونية الملوثة للبيئة بالسرعة المرجوة. ونجم هذا عن التراخى فى تطبيق سياسات التحرر الاقتصادى خشية اهتزاز الاستقرار السياسى للبلاد.
حدود التباطؤ ومخاطره
للمرة الأولى منذ نهاية السبعينيات، عجزت الصين فى عام 2022 عن تسجيل معدل النمو السنوى المرصود فى بداية العام المالى وهو خمسة ونصف فى المائة. وأقرت الحكومة بتحقيق أقل من نصف هذا الرقم، مرجعة ذلك إلى تداعيات جائحة كوفيد-19.
وفى المقابل، يرجع خبراء اقتصاديون غربيون هذا التباطؤ إلى تراخى بكين فى تنفيذ مزيد من سياسات التحرر الاقتصادى المتعارف عليها. وأدى هذا إلى تأثر عدة قطاعات حيوية من أبرزها برنامج الدولة للحد من الملوثات الكربونية الناتجة عن أى نشاط صناعى كبير. وتتصدر الصين دول العالم فى استخدا ....